صفحة المكتبة الرئيسية
مجلة فلسطين لابحاث الامن القومي

الفصول
ملخص : فى الدنيا الحق. ولوكان كل ما نشهد من الدنيا باطلاً لوجب أن يكون وراء هذا الباطل المموه شىء صحيح لاتموته فيه, وهذا الشىء هو جوهر الحياة: نصيب كل امرىء من الحياة على قدر نصيبه منه, وهو الحق, فمن عرفه لا يسعه أن يعرض عنه, ومن لم يعرفه فهو من هاوية الهلاك عنصره وإلى غير السماء قبلته. وكل ما يقصد به وجه هذا الحق فهو من قشور الحياة المنبوذة لا من لبابها المدخر. وفى الدنيا الجمال. لا بل الجمال غاية الدنيا التى لا غاية بعدها, قد نعرف لكل شىء نفعاً يرمى إليه ولسنا نعرف للوجود نفسه نفعاً نبتغيه من ورائه, ولا غاية نخلص إليها بعد مفارقته. كلا لا نفع ولا غاية وراء الوجود غير العدم!! وإنما هو أمنية نتمناها لذاتها, وحالة نتطلع منها ولكن إلى صفة أخرى من صفاتها, إنما هو صورة تتملاها النفس لأنها تهواها, وليس بسلعة تطلبها لأنها تفتقر إليها. والكون كله ما كنهه وما ميسمه؟؟ أهو آية صانع مبتدع أم مسعاة كادح منتفع؟؟ كذلك خير ما فى النفوس ما كان جماليا كهذا الكون ولم يكن نفعيا كعروضه. لأن النفع عرضى ينتهى بغايته, وأما الجمال فأبدى لا نهاية له. فى الدنيا القوة, لا بل هما شىء واحد. فما ضمنت الدنيا قط إلا قوة, وما عرفت الدنيا قط ضعفاً, لأن الضعف ما كان سبيلاً إلى فناء, ولا فناء على الحقيقة فى هذا العالم الباقى. إنما يشكو الضعف من يعرض له الفناء بصورة من الصور, ومن تتغير به الحال من حين إلى حين. قد تختصم القوة الصغيرة والحق الصغيرة, وقد تختلف الجمال المحدود والحق المحدود. ولكن القوة الكبرى والحق الاكبر لا يختصمان, والجمال الشامل والحق الخالد لا يختلفان. على أنه لا حق وراء هذه الحدود ينفرد عن قوة ولا جمال, ولكنها كلها عناوين شتى لقدرة واحدة: هى القدرة التى يبدأ منها كل شىء وإليها يعود. فإلى تلك القدرة أتوجه بقربانى ليكون لها نصيب من عملى, عسى أن يكون لعملى نصيب منها.

حجم الكتاب: 5.1 ميجا بايت
تحميل قراءة

جديد الكتب