صفحة المكتبة الرئيسية
مجلة فلسطين لابحاث الامن القومي


نجيب محفوظ المرايا



تم النشر بتاريخ 18-04-2022
نجيب محفوظ المرايا
ملخص : طالما عذبنى التناقض بين تناول الأوساط الشعبية للسياسة وتناولها فى الأوساط الثقافية الرفيعة، فهى هناك انفعال مضطرم سرعان ما يسيل دما. وهى هنا مناقشات متفلسفة لا تخلو من تثبيط المهم وتخييب للآمال. فكرت فى ذلك ونحو راجعون من قصر المنيرة، وتبادلنا الآراء فى سرعة محمومة: لا بد من ثورة!. أيكفى الإضراب لإشعال ثورة؟. هكذا قامت ثورة 1919 فيما يقال. كيف قامت ثورة 1919؟. ما أقريها وما أبعدها.. وفى صيف ذلك العام قابلت الدكتور - كان بصحبته أسرته المكونة من زوجة وغلاميين - فى كازينو الأنفوشى بالإسكندرية. كنت أجلس هناك فى الصباح عقب الإستحمام - فأشرب القهوة وأقرأ الصحف، وأشاهد فى الوقت نفسه ما يجرى على مسرح الكازينو من بروفات للعرض المسائية رغم نفورى الطبيعى من الغناء الأفرنجى. وقدمنا الدكتور إلى حرمه وأظنها كانت مفتشة بوزارة المعارف. ولا حظت بسرور غرامه الأبوى بابنيه وملاطفاته لهما مما دعا زوجه لإعلان استنكارها لتدليله لهما واستمالنى لأول مرة بعواطفه الأبوية، فلم أكن له احتراماً يذكر لعزوفه عن التأليف، ولعدم إخلاصه فى عمله، وما أعجبنى فيه إلا منظره وخفه روحه وسخريته المموهة بالتفلسف. وسألنى: أتستحم عادة فى الأنفوشى؟ فأجبت: إن أمواجه أهدأ بكثير من الشاطبى... عندما يتم بناء الكورنيش سيتغير وجه الإسكندرية. فوافقته على قوله فقال باسما: ولكنكم تكرهون إسماعيل صدقى!. فقلت وأنا أدارى العواطف المريرة التى استفزها ذلك الأسم: ليس بالكورنيش وحده يحيا الإنسان.. فضحك قائلاً: لا يوجد مثل السياسة مفسدة للتفكير البشري.. ثم أشار إلى زوجه وقال: والدتها - حماتى - عضوة فى اللجنة الوفدية للسيدات. فرمقت السيدة بامتنان إكرامها لوالدتها.

حجم الكتاب: 3.9 ميجا بايت
تحميل قراءة

جديد الكتب